ما أنا بقارئ, مشروعات

ما أنا بقارئ (1) – لِمَ تخلق الرأسمالية وظائف بلا فائدة؟

"ما أنا بقارئ" بابٌ إلى خزانة كتابات كبيرة، أو هكذا أتمنَّى، أضع فيها قراءاتي وما تثيره عندي من أفكار وملاحظات. لا أقصد التهريج بعنوان الباب، بل ألتمس فيه كل المعاني الممكنة لتلك الكلمات الثلاث؛ فسأكتب أحيانًا عن كتب ومقالات ما أنا بقارئها، أي أنَّني لن أتمكَّن أبدًا من قراءتها كاملةً، وأحيانًا عمَّا أقرؤه، وأحيانًا عن كتابات بلغاتٍ ما أنا بقارئ بها.

إليك "ما أنا بقارئ" بأي معنى أردت (أردتُ أنا أو أردتَ أنت).


التالي اقتباس مترجم من مقال عن الوظائف عديمة الفائدة، أو bullshit jobs، وتأثيرها في الإنسان والمجتمع، والأسباب التي تجعل هذا النوع من الوظائف ركنًا أصيلًا من أركان النظام الرأسمالي لا عَرَضًا جانبيًا يحدث رغمًا عنه. يبدو أنَّني سأبقى مع هذه الفكرة لمدة ليست بالقصيرة.

هذا نوع عميق من العنف النفسي. كيف يمكن للمرء أن يتحدث عن الكرامة في العمل وهو يحمل بداخله قناعةً خفيةً بأنَّ وظيفته لا يجب أن توجد أصلًا؟ كيف لا تسبب هذه القناعة بركانًا من الغضب والحنق؟

إنَّ مجتمعنا لعبقري حقًا؛ إذ ابتكر حُكَّامه طريقةً لتوجيه ذلك الغضب إلى أولئك الذين يعملون في وظائف ذات فائدة. مثلًا، يبدو أنَّ في مجتمعنا قاعدة سائدة تفرض أن يتناسب أجر المرء من عمله عكسيًا مع وضوح الفائدة التي يحملها للغير: كلما زاد وضوح الفائدة قلَّ الأجر. ومع التأكيد على غياب مقياس موضوعي لهذا الأمر، أطرح سؤالًا يُيسِّر على الناظر فهم الظاهرة: ماذا سيحدث إن اختفت فئة معينة من الناس بين ليلة وضحاها؟ قل ما شئت عن الممرضين وجامعي القمامة وفنيي السيارات، فإنَّ فائدتهم ساطعة الوضوح، ويسهل القول بأنَّه سيكون لاختفائهم، لو حدث في غمضة عين، عواقب كارثية عاجلة. عالمٌ بلا مُعلمين أو عمالٍ على أرصفة الموانئ هو عالمٌ في أزمة، وحتَّى عالمٌ بلا كتاب خيال علمي أو عازفين هو عالمٌ أكثر بؤسًا من العالم الذي نعرفه.

وعلى النقيض، ليس من الجلي ما قد تعانيه البشرية لو اختفى الرؤساء التنفيذيون لشركات الاستثمار الخاص، أو العاملون في جماعات الضغط السياسي، أو الباحثون في العلاقات العامة، أو خبراء التأمين، أو المسوقون عبر الهاتف، أو المُحضَرون، أو المستشارون القانونيون. بل يعتقد البعض بأنَّ العالم سيكون مكانًا أفضل في حال اختفاء هؤلاء.

لقراءة المزيد، إليك مقال "لِمَ تخلق الرأسمالية وظائف بلا فائدة" لـDavid Greaber على موقع Evonomics.

Photo by Xavi Cabrera on Unsplash


هل أعجبك ما قرأت؟ يسعدني اشتراكك في القائمة البريدية لتصلك رسالة أسبوعية بجديد ما أكتب في "ما أنا بقارئ"، ويسعدني أكثر معرفة تعليقاتك وملاحظاتك في خانة التعليقات أسفل المقال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *