أعرف امرأةً تأخذ الوقت معها عندما تنام غاضبةً، أو يجري خلفها هو كطفلٍ تُرِك وحده في زحام الناس أو ككلب وفي لا يقبل تربيت من لا يرضى عنه صاحبه على ظهره. مرور الوقت نسبي، بكل تأكيد، وربما هذه مشكلتي معه؛ فهو نسبي جدًا: لا تمكنك رؤية شيء إلا من خلاله، من وسطه، من بعد فِعلِه فيك. تعرف جيدًا أن ساعتك غير مضبوطة، وأنَّ كل الساعات كساعتك، فتستسلم للفوضى ولحتمية إصرارك الهزلي على أنَّ ساعتك يجب أن تُحرك العالم من حولك وتقبض على مفاتيح الـ"قبل" والـ"بعد".
أؤمن بأنني سأفهم الكثير عن نفسي وعن الكون وعن الله إذا فهمت الوقت بدرجة أعمق، لكنني آخذ وقتي في رحلة الفهم هذه. ها، ألاعيب لغوية مجددًا؟ تستتر حقيقة الوقت خلف هذه الألاعيب كل مرة، أو خلف خوفي من تجربة قديمة شغفتني لذتها ولم يبقَ من بعد اللذة إلا فجوة لم تلتئم.
لديك وقت لتسمع؟
صغيرًا أدركت أنَّك ترتكب حماقةً حين تفكر في نفسك وأنت نفسك؛ فخلعت جِلدي وتخفَّفت من "أناي" (كما قالها محمود درويش) عدة مرات. كانت اللذة تغمرني في كل مرة فأذهب إلى نقطة أبعد من المرة الفائتة. لكني لم أدرك حينها أنَّك حين تفعل ذلك، لا تعود كما كنت أو أينما كنت.
تستتر مني حقيقة الوقت، ربما، خلف خوفي من تكرار التجربة. يعني، على الأقل، الواحد منَّا يعرف ما وراء نفسه ووجوده، فتوجد حقائق موضوعية ثابتة خارج محيطنا، وأشياء تحدث دون أن نتفضَّل عليها برداء المعنى والسياق. لكن الوقت؟ حاول أن تفكر فيه من خارجه وستجن تمامًا إذا لم تقتل الفكرة في ثوانٍ.
على كل حال، أعرف امرأةً تأخذ الوقت معها عندما تنام غاضبةً فتطرد كل الحقائق حتى تستيقظ فيستعيد صديقها الوفي وعيه ويوزِّع نباحه الأزلي على الكائنات، وحتى ترضى فتنضبط كل الساعات رغم اختلافها.